Article Sidebar
Downloads
ORIGINAL ARTICLE
المقدمة
إن النحو العربي - في طبيعته - ليس ظاهرة لغوية عربية فحسب، بل ظاهرة ثقافية إسلامية لها أدلتها ومبادئها؛ ووصفها عمر بن الخطاب وصفا مرتبطا بتلك الطبيعة أن اللغة العربية جزء من الدين. وهذا لا يعني أن هذا الوصف دليل العقل المتجزئ الذي لا أصل له ولا دليل ولا منهج؛ بل هو دليل العقل المنضبط، ومن ظواهر هذه الجزئية ما يراه الشاطبي الأصولي - الذي في هذا المعنى يعرف ويعتمد عليه العلماء في التراث العربي - أن مبتدئا في فهم العربية مبتديء في فهم الشريعة، أو متوسطا متوسط في فهم الشريعة، فإذا انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة. وهذا مصداق قول الإمام الشافعي أن الناس ما جهلوا، وما اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسطو.
وهذا الرأي بلا شك دليل واضح من أدلة تبيَّن - في موضع لاحق - في جزئية اللغة العربية من الدين، وإن كان الدليل غير مقبول عند أتباع علمانية اللغة. وليس الباحث في إطار الاستناد إلى مذهب هذا ولا الأخر ؛ وإنما في إطار أن ذكر العلمانية مجرد التوضيح؛ كما هي قاعدة بالأضداد تتضح الأشياء. فضلا عن ذلك، فقد شهد لحجة الجزئية أنها لا تتعارض مع التعريف الذي حدده النحاة (علم مستنبط بالقياس، والاستقراء من كلام الله عز وجل، والكلام الفصيح; لمعرفة صواب الكلام من خطئه، وفهم معانى كتاب الله تعالى وفوائده). ومن القضايا النحوية - التي يكون الباحث في صددها - قضية التغليب.
هذا، وقد أورد العلماء للتغليب أمثلة كثيرة ومتعددة المصادر والظواهر. وعلى سبيل المثال - لا الحصر - التغليب في القرآن الكريم: ﴿فَأَنْجَيْنَاه وَأَهْلَه إِلاَّ امْرَأَتَه كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِيْنَ﴾ [الأعراف :83]، والأصل في الكلمة التي تحتها الخط من الغابرات; لكن عدل عن جمعِ المؤنث إلى جمعِ المذكر السالم؛ فعدت الأنثى في المذكر بحكم التغليب. وأما في السنة النبوية: "لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا باحدى ثلاث; الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"، والحق أن لفظ امرئ، وإن كان موضوعا في أصله للرجل؛ إلا أنه قد يشمل للمرأة من باب التغليب. و في الكلام العربي: "ولست بمبد لِرجال سريرتي # ولا أنا عن أسرارهم بسئول"، والأصل في هذا اللفظ للناس؛ إلا أنه قد يشمل للمرأة من باب التغليب. وهناك أمثلة أخرى، لا تعد، ولا تحصى.
ومن حيث استدلال النحو فيتأصل التغليب من الأصلين، هي: أولا السماعي، وهو لا يقاس عليه مثل الأبوان للأب وللأم؛ فهو من باب التغليب، ومثل ذلك لا يكون مثنى لاختلاف لفظ المفردين; بل هو ملحق بالمثنى من جهة الإعراب. وثانيا القياسي، مثل ما نصه الشيخ محمد بن قاسم الغزي في كتاب فتح القريب المجيب : "فلا تجب على صبى وصبية لكن يؤمران بها بعد سبع سنين ان حصل التمييز بها"؛ فالضمير ليؤمران يعود إلى صبى وصبية، وذلك من باب التغليب لعدم الموافقة في اللفظ ومن حيث رتبتهما، وهذان الأصلان مدونان في كتب النحو باختلاف مذاهبها وآرائها.
ولم يوجد أي بحث سبق في كشف العلاقة بين التغليب النحوي والنظام الذكوري بصورة خاصة؛ وإن كانت البحوث في العلاقة بين اللغة والثقافة تعد بالكثرة، وتجد بصورة عامة. والنظام الذكوري - في هذا المنطلق - هو كل مجتمع تنخفض فيه المكانة الاجتماعية للإناث، بخلاف النظام الأبوي الذي هو أخص منه؛ كما ذكره مصلح الصالح أن النظان الأبوي يتميز بسلطة الأب المطلقة على العشيرة أو الأسرة وبانتساب الأبناء إليه لا إلى الأم.
والنظرية المناسبة لتحليل العلاقة بين النحو والنظام الذكوري هي نظرية سافير - وورف التي تسمى بالنسبية اللغوية، وهذه النسبية محوارها; لكل لغة بنية نحوية خاصة، وأن اللغة يحدد الشكل قبل كل شيء. وهذا لا ينافي جانبا أخر للغة التي لها بنية نحوية عامة، أوما يسمى بقاعدة نحوية كلية لكل لغة. وهذا، ولا بد من أن أشير هنا إلى أن وُورف يرى بأَن القول بوجود عموميات لغوية؛ إنما هو زعم لا مسوغ له.
منهجية البحث
واستخدم الباحث منهج الوصف التحليلي والتاريخي مستفيدا من فرضية سَابِيْر-وُورْف "لكل لغة بنية نحوية خاصة"، ومن نظرية الصحابي عمر بن الخطاب "أن اللغة العربية جزء من الدين". والهدف من هذه الإستفادة ليتم تحليل مصادر المعرفة للنحو ومصادر المعرفة للإسلام مع مراعاة الحقائق التاريخية لأجل كشف العلاقة التي ينبنى عليها بحث مفصل؛ حيث تنحصر مشكلة هذا البحث في قضية التغليب والنظام الذكوري، وليست في قضية النحو في الثقافة العربية الإسلامية بصورة عامة.
انطلاقا من هذا المنهج، قام الباحث بجمع المعلومات المتعلقة بالمنظومة الفكرية للغة العربية وفي ضمنها النحو العربي وجزئيتها من الدين؛ لأجل أن تثبت خطوات البحث للوصول إلى مدى الاتساق الداخلي والاتساق الخارجي لدور التغليب النحوي في النظام الذكوري؛ فيمكن أن نخرط الهيكل الفكري تخريطا مبسطا لإجراء البحث من خلال الجدول فيما يلي:
جدول 1-1 : ال تخريط ل إجراء البحث
ولعله لا يتأتي الاعتراض على فرضية هذه العلاقة; كما سياتي بيانه بيانا مفصلا بالاعتماد على نظريات أولية تم تشكيلها كوسيلة لفهم نتائج البحث ومناقشتها.
نتائج البحث ومناقشتها
تعليل الت غ ليب والنظام الذكوري
وقد احتلت اللغة مكانا مرقوما في الفلسفة - قديما وحديثا - مهما يكن من وجود حد فاصل بين اللغة العربية والفلسفة؛ مما هو معروف أن اللغة العربية معجزة العرب، والفلسفة معجزة اليونان، وذلك لأن الفهم الذي يملكه الإنسان عن ذاته، وعن العالم يظهر من خلال اللغة. ويتضح أثر علم الفلسفة في اللغة عندما حاول الأقدمون أن يخضعوا الظواهر اللغوية إلى نظام العلة والمعلول والعامل والمعمول والفاعل والمنفعل. وفي هذا المعنى، أنهم حاولوا اخضاع اللغة للمنطق وللفلسفة في ضوء التعليل. وأكد هذا المناخ الفلسفي للتعليل قوة الاتجاه بين الفلسفة التي هي أم العلوم كلها في منظور غربي وبين النحو الذي هو أم العلوم كلها في منظور عربي.
وبمقارنة يسيرة، يؤكد هذا الاتجاه أكثر ما جاء في تعليل التغليب والنظام الذكوري في المقالة - التي كان الباحث في صددها- ثم يمضي؛ فيقرر نماطة الفكر (خصائص الفكر) لعلة هذا المثنى التغليبي، وهي للإيجاز والإختصار; كما سيأتي بيانه في أصول النحو، وأيضا، يقرر نماطة الفكر لعلة هذا النظام الذكوري، وهي للأمر الرباني والعرف الإنساني; كما سيأتي بيانه في أصول الفقه. وقبل مناقشة هذه الأدلة لا بد من مناقشة الأقوال نفسها. ويبدأ الباحث في ذلك بمناقشة أصول التفكير النحوي، أوأصول النحو - التي لا غنى عنها للنحوي، ولا يسع له جهلها -، وهي علم يبحث فيه عن أدلة النحو الإجمالية من حيث هي أدلته، وكيفية الاستدلال بها، وحال المستدل بها. ومن الواضح أن هذا العلم يمثل نظرية متقدمة علمية قادرة على تفسير اللغة العربية نحوا وصرفا.
ولقد أجمع العلماء والباحثون علي أن الأصول التي قام عليها التفكير النحوي عند العرب تقوم علي ثلاثة مبادئ هي : السماع والقياس والعامل؛ وتعريف كل منها هو أن السماع ما ثبت في كلام يوثق بفصاحته، والقياس حمل الشيئ على الشيئ لضرب من الشبه، والعامل هو ما أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من الإعراب. وهذه المبادئ تؤثر الظواهر اللغوية وتعليلها. وأشار الباحث في المقدمة أن إيراد تعليل التغليب والنظام الذكوري أمر طبيعي لمعرفة جزئية (نسبة إلى الجزء) اللغة العربية من الدين، أوالبنية الخاصة للغة العربية; كما ذكر في هذا الصدد أن وجود العلاقة بين المصادر النحوية وبين الأصول الثقافية ليس أمرا مستغربا.
وإنه من المستغرب من أثبت تأثر النحو العربيِ بمنطق أرسطو أوبفلسفة اليونان; حيث أنه لا يتفق مع جمهور النحويين. ومما يشبه هذا ما قاله الإمام الشافعي (ت 204 ه) في منطق أرسطو دليلا على أنه مستغن عنه، وهو يعيش في القرن الثالث الهجري؛ حيث قال: "ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب وميلهم إلى لسان أرسطاطالس". وحصيلة ما يفهم من كلام العلماء أن نظرية النحو العربي عربية في جذورها وأصولها؛ فالتعليل النحوي نبع من اللغة العربية، ولم يتأثر بمقولات المنطق إِلا في القرن الرابعِ الهجري. وعلي الطنطاوي (ت 1420 ه) يبين هذا التأثر بالتأكيد وتأصيل المنطق التجريبي أو المنطق العلمي الذي هو غير المنطق الصوري المعروف منطق أرسطو. وصرح الطنطاوي بخطورة منطق أرسطو الذي عني به علماؤنا، وأولوه ما لا يستحق من هذه العناية، وأدخلوه في البلاغة وفي النحو؛ بل وفي العقائد (أي في علم الكلام) فأَفسد كل علم دخل فيه.
ولعله من المناسب، ونحن بصدد عرض القضية عرضا سريعا دون الانتقاص، وعليه فإن تصوير المسألة – محل البحث - يمكن في تعريف ينبغي أن لا يغيب عن البال (التعريف المناسب حيث أنه تلزمه صفة جامع مانع) أن نبدأ بالتعريف العلمي المشهور أن التغليب ترجيح أحد الشيئين على الآخر في إطلاق لفظه عليه، أو إطلاق لفظ أحد الصاحبين على الآخر ترجيحا له عليه، وليس مثنى لعدم استيفائه شروط المثنى. ويقصد في هذه الدراسة تغليب المذكر على المؤنث لا العكس، كما هو ظاهر مراجع الكلام العربي; القرآن الكريم، والسنة النبوية، والشعر الجاهلي، وظاهر أصلية (نسبة إلى الأصل) المذكر وفرعية (نسبة إلى الفرع) المؤنث في كتاب الإنصاف لابن الأنباري.
وأما التعليل – كما ذكر في كتب الصناعة - هو تبيين العلة المفسرة للظواهر اللغوية في الكلام، وهذا مثل تبيين العلة في رفعِ الفاعل ونصب المفعول، أو منعِ بعض الأسماء من الصرف دون بعضها الآخر أو تبيين العلة في نصب جمعِ المذكر السالم بالياء؛ لا بالفتحة أو العلة في عدم تثنية الحروف أو العلة في حذف تنوين المضاف وغير ذلك،ومن هذا المثال يتضح أنه يعنى توجيه النظر إلى مسألة العلة يكون مفيدا لكشف الظواهر اللغوية مع التأكيد بأنه جولان فكري في روابط اللغة، ويبقى – بعد ذلك - روابطها المهمة التي مدارها : (ما جاء على أصله لا يسأل عن علته); لأن (من عدل عن الأصل افتقر إلى إقامة الدليل لعدوله عن الأصل).
وفيما وراء تلك الروابط فقد ظهرت زوجية الأصل أوالفرع (ربط الأصل بالفرع والعكس) في عصر التدوين; كأداة نظرية لازمة في عملية التدوين ذاتها، وهي عملية البناء العام للثقافة العربية الإسلامية، ولذلك، نجد هذا الزوج حاضرا بصورة صريحة أو ضمنية في عصر التدوين وبصورة خاصة في النحو والفقه والكلام، وعصر التدوين هذا استفاد من وجود الشواهد في عصور الاحتجاج اللغوي التي اصطلح على اشتمالها العصر الجاهلي والإسلامي حتى (150 ه)؛ حيث أن عناية اللغويين والنحويين بدراسة الفصحى منذ أواخر القرن الأول الهجري، وهي اللّغة الأدبيةالمشتركة بين مختلف القبائل في الجزيرة العربية.
وفكرة (الأصل) ظهرت واضحة في أوساط النحاة الأوائل - وعلى رأسهم الخليل بن أحمد الفراهدي (ت 170 ه) - الذين أرجعوا الألفاظ العربية إِلى عدد معين من الحروف اعتبروها (أصلية) في الكلمة، وغيرهم يعتبرها مزيدا. وفي علم الكلام، ظهرت عند المعتزلة الذين تنبني مذاهبهم على أصول الخمسة المعروفة. وأما في الفقه، ظهر مصطلح الأصل عند نشأة مدرسة الرأي ومدرسة الحديث وتبلورهما مع بدايات عصر التدوين.
ومن ظواهر الزوج في أصلية المذكر وفرعية المؤنث ما ندركه من كلام سبويه : "اعلم أن المذكر أخف عليهم من المؤنث؛ لأن المذكر أول؛ وهو أشد تمكنا، وإنما يخرج التأْنيث من التذكير. ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذَكر هو أو أنثى، والشيء ذكر. فالتنوين علامة للأمكن عندهم، والأخف عليهم، وتركه علامة لما يستثقلون".وهذا ما قاله سيبويه (ت 180هـ) اتفق عليه أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني (ت 255 هـ) في أن المذكر أخف من المؤنث; لأن التذكير قبل التأْنيث. هذا سبب طبيعي هو الخفة والثقل. وهذا السبب قد لا يتفق مع ما يعرفه منطق العقل والفلسفة. وهذا الاتفاق هو اتفاق الظن بين التابع والمتبوعِ. وكان سبويه تلميذ خليل بن أحمد (ت 100 هـ) الّذي هو يرى الأصل والفرع في اللغة. وكلام سيبويه له عمق بعيد من حيث تاريخ مادته العلمية.
وتاء التأنيث هي أكثر علامات التأنيث استعمالا، ولكون المذكر هو الأصل - عند القدماء – لم يحتج إلى علامة؛ بخلاف المؤنث فهو في حاجة إليها. والتأْنيث فرع على التذكير لوجهين; أحدهما أن الأسماء قبل الاطلاعِ على تأْنيثها وتذكيرها يعبر عنها بلفظ مذكر، نحو : (شيئ)، و(حيوان)، و(إنسان)؛ فإذا علم تأْنيثها ركب عليها العلامة، وليس كذلك المؤنث. والثاني، أن المؤنث له علامة على ما سبق، فكان فرعا.
ومن هنا، تبدأ صراحة الزجاج (ت 311 ه) في تعليل منع العلم المؤنث من الصرف بقوله: "وإنما لم تصرف جميع ما ذكر في هذا الباب؛ لأن التأْنيث فرع من التذكير، والتذكير هو الأصل". والتعليل عند عيسى برهومة الذي نقل ما ذهب إليه السجستاني أن صرف الأسماء، ومنعها يتناصى بعلة الخفة والثقل؛ حيث أنه يقول : "اعلم أن المذكر أخف من المؤنث; لأن التذكير قبل التأنيث. فلذلك، صرف أكثر المذكر العربي، وترك صرف المؤنث العربي، ولذلك استمر المذكر بغير علامة للتذكير؛ بل ليست للتذكير علامة؛ لأنه الأول". وأخيرا; فإن هذين القولين والأقوال السابقة - التي ترتبط بهذه الصراحة - تبين أن العلة لأصلية المذكر وفرعية المؤنث علة نحوية ترجع إلى طبيعة اللغة; الثقل والخفة في النطق، ولا إلى ما خارج الطبيعة. ولا مدخل هنا في العقل والشرع.
وهو أيضا مسلك كثير من علماء العربية الذين يرون أن تغليب الأخف واجب; لأن المراد بالتغليب التخفيف والاختصار. وفي هذا، نقل سيف بن عبد الرحمن العريفي في مقولته (2000 م) أقوالا - في هذا الصدد - منها ما يقوله الرضى: "وينبغي أن يغلب الأخف لفظا; لأن المراد بالتغليب النخفيف، فيختار ما هو أبلغ في الخفة"، وما يقوله المرادي: "ويجب تغليب الأخف". ثم قال أن مثل هذين القولين ما قاله الدماميني والتفتازاني ؛ كما أنه في هذا الموضوع غني عن البيان والتكرار، ومن أمثلة هذه الأقوال قولهم في تثنية أبي بكر وعمر : "العمران"، فغلبوا عمر مع كون أبي بكر أسبق من عمر في الخلافة والإسلام؛ بل أفضل منه، ولكنهم اختاروا لفظ عمر؛ لأنه أخف في التثنية؛ فهو مفرد، والآخر مركب إضافي. وكذلك، قولهم حسنان بتغليب الحسن على الحسين؛ لأنه أخف في الحروف والحركات.
ومن حيث أصلية المذكر ما يذكره ابن يعيش: "والدليل على على أن المذكر أصل أمران: أحدهما مجيئهم باسم مذكر يعم المذكر والمؤنث، وهو شيء. الثاني أن أن المؤنث يفتقر إلى علامة؛ ولو كان أصلا لم يفتقر إلى علامة؛ كالنكرة لما كانت أصلا لم تفتقر إلى علامة، والمعرفة لما كانت فرعا افتقرت إلى العلامة". وقال السيوطي كذلك " إذا اجتمعا المذكر والمؤنث غلب المذكر وبذلك استدل على أنه الأصل والمؤنث فرع عليه ، وهذا التغليب يكون في التثنية وفي الجمع وفي عود الضمير وفي الوصف وفي العدد". وكذلك ما قاله الأنباري: "اعلم أن المذكر والمؤنث إذا اجتمعا غلب المذكر على المؤنث، تقول من ذلك الرجل والمرأة قاما وقعدا وجلسا، ولا يجوز قامتا وقعدتا؛ لأن المذكر يغلب المؤنث؛ لأنه هو الأصل، والمؤنث مزيد عليه".
ومن الثابت المقرر أن نوعِ التغليب مثل ما ورد من قول العرب: فلانة وصي فلان، وهي كفيلي ووليي، وأميرنا إمرأة؛ كان من واقع اللغة الذي لا بد من الاعتماد عليه؛ كما تقرر ظاهرة النحو في المذهب الواقعي. وعلل الفراء (ت 207 ه) مجيء هذا البناء بغير هاء، بأنه "إنما يكون في الرجال دون النساء أكثر ما يكون؛ فلما احتاجوا إليه في النساء أجروه على الأكثر من موضعيه"، وأكده ما قاله ابن الشجري - وهذا القول الذي نقله سيف بن عبد الرحمن العريفي في مقولته (2000 م)- : "والتذكير - أبدا - يغلب على التأْنيث كقولهم القمرين والأخوين والأبوين"، ومحصلة كل ذلك دليل على أن علل النحويين لم تخل من تأْثير الثقافة التي فضلت الرجال على النساء.
وفيما عدا ذلك، فقد كثرت الأمثلة للتعليل المذكور بالإضافة إلى المعنى الكلي للغة بصورة عامة؛ فإنه لا يتوقف على المعنى اللغوي وحسب. وقد نشطت الكتابة في اللغة وخصائصها في العصر الحديث - ولعله من الأوفق هنا - ونحن بصدد الحديث عن دور التغليب في النظام الذكوري؛ حيث يقترن المعنى اللغوي بالمعنى الثقافي والاجتماعي، ويسمى بالمعنى السياقي (يقصد به مغزى الكلمات ضمن الجملة في موقف معين، أو في محيط اجتماعي معين). والتغليب كنشاط اجتماعي يعبر عن المعنى الكلي، وفي هذا الإطار، فإن الذي يمكن أن نخرج به من هذا المبحث في جملته الجدول ما يلي :
وذلك كله يدنينا من النماذج التطبيقية العملية لحجية العلاقة بين مصادر النحو ومصادر الثقافية العربية الإسلامية في ضوء البنية الخاصة للنحو العربي؛ كما أشارت إليه نظرية سافير-وورف، وهو ما يتناوله الموضوع الآتي من هذا المبحث بصورة مفصلة، وكان من بين ما بني عليه سيدنا عمر بن الخطاب قوله هذا "اللغة العربية جزء من الدين"؛ بخلاف من تمذهب بمذهب علمانية اللغة (نسبة إلى مذهب يرى انفصال العربية عن الأصل الديني). ولعل من اليسير على المتابع لهذه الجزئية أن يلاحظ علاقة التغليب ودوره في مستوى العقيدة والشريعة عما كان عليه الحال في المجتمع العربي الإسلامي عبر التاريخ، ثم يلاحظ طبيعة الحقيقة للنحو ومعايرها.
العلاقة في مستوى مصادر العقيدة والشريعة
والنسبية اللغوية في بحث هذه العلاقة هي ترجع إلى تعريف وضعه عالم اللغة العربي أبو الفتحِ عثمان بن جني (ت 392 هـ) هي أصوات يعبر بها كل قوم عن مقاصدهم. وهذا التعريف من أقدم التعريفات وأشهرها في التراث اللغوي العربي ومن أفضلها؛ حيث أنه جامع مانع، ويؤكد اتفاقية اللغة بين القوم الذي في الإسلام تحدث بعد تعليم الأسماء لأدم توقيفيا ثم تطورت الأسماء اصطلاحيا بين الإنسان; لتصبح اللغة. والإنسان قد علمه الله البيان ليقدر على فهم المعاني من الرموز.
إن النظرية التي سبق ذكرها أكدت قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : "تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم". وهذا بمعنى أن كل قوم يتكلمون عن طريق أفكارهم، ويتفكرون عن طريق كلامهم؛ بل هي آلة مهمة تؤثر نظرة الإنسان للعالم، وتخريط أفكار الأمم، وتكوين النظرة للعالم خاصة للعالم الإسلامي العربي. وعمر بن الخطاب رمز من رموز الثقافة العربية الإسلامية التي مقوماتها هي العقيدة واللّغة العربية وآدابها والتاريخ العربي الإسلامي والتراث والأمة والوطن ووحدة العقلية والمزاج النفسي. ورغم ذلك، فإن هذه الرمزية حول خصائص الثقافة العربية الإسلامية لا تنافي واقع التحول في المجتمعات العربية بعد مرور التاريخ الطويل، إما كان المتحول في أنظمتهم القبلية أوفي وظائفهم الاجتماعية أوفي قيمهم الثقافية أوفي توجهاتهم السياسية.
ولعله من المناسب هنا أيضا الإشارة إلى أن هذا العلم المهم - مما نحن بصدده - أنفع العلوم العربية; إذ به تدرك جميعا حتى صرحه السيوطي : إن العلوم كلها مفتقرة إليه. طبعا، المراد بالعلوم ما تم تلفظها وكتابتها باللغة العربية مثل ما قاله النحاة: والنحو أولى أولا أن يعلم إذ الكلام دونه لن يفهم. وفصل النحو مما يسمى بعلم المعانى من أسباب جمود الدرس النحوي; لأن منطق تركيب الكلام مستند إليه ومعتمد عليه. ولا يكون أحد قارئا ولا مفسرا ولا محدثا ولا متكلما ولا أصوليا ولا فقيها إلا وهو ملما بعلم النحو، ولا يمكن قارئ القرآن نال درجة الترتيل إلا وهو يجود الحروف ومعرفة الوقوف، ومعرفة الوقوف وتطبيقها بصورة صحيحة لا تتأتي إلا إذا كان القارئ يفهم معاني الآيات – وإن كانوا ليسوا مفسرين - ويتدبر القرآن في تلاوته. وهكذا ما ينبغي لمن أراد أن يكون أهلا في علم من العلوم.
لقد ارتبطت العلاقة بين السياق اللغوي والسياق الاجتماعي-الثقافي في المعنى الكلي للغة. وانطلاقا من المعنى الكلي للغة، فيتضح أن علاقة النظام الذكوري في الثقافة العربية الإسلامية والتغليب في النحو تكون في المستويات التالية: أولا، في مستوى العقيدة. وموضوع الأصل والفرعِ في الثقافة العربية الإسلامية والنظام الذكوري راجع إلى نص قرآني، وذلك: ﴿هُوَ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا... الآيَةَ﴾ [الأعراف: 189] وَ﴿يَأيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوْا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيْرًا وَنِسَاءً ...الآيَةَ﴾ [النساء: 1] وفي معنى "نَفْسٍ وَاحِدَةٍ" اختلاف بين العلماء. ويرى الشافعي أن نفس هي آدم وزوج هي حواء. ويقال في الأنثى زوج وزوجة، والأفصح الأول. وأمر هذا الاختلاف; أن آدم أصل وحواء فرع من الأمور المعتقدات، ويؤثر بعد ذلك في مستوى الثقافة العربية الإسلامية.
وفيما عدا ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الأمر: إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمها كسرتها وإن تركتها، وفيها عوج استمتعت بها. وروي أنه تعالى لما خلق آدم، وأسكنه الجنة ألقي عليه النوم؛ فبينما هو بين النائم واليقظان خلق حواء من ضلعٍ من أضلاعه اليسرى؛ فلما انتبه وجدها عنده. وحكمة العرب الشائعة تصحح أصلية المذكر وفرعية المؤنث في قولهم : "المرأة من المرء، وكل أدماء من آدم". ويرى كمال فقيه إيماني أن حواء خلقت من أصلها، وليس من جزء آدم. وهذا يستند إلى الحديث الذي روي عن إمام الباقر. وأما محمد عبده يرى أن القرآن فيه أمر من الغيبيات ملفوظا وملحوظا، وما لا يجد فيه الملفوظ كنفس واحدة ذكرها الله علي النكرة، فتركها من المتشابهات.
ومثال أخر يؤكد هذه العلاقة في مستوى العقيدة ما يراه علماء الكلام في الجنسية بين ذكورة الملائكة وأنوثتهم مع الإيمان بوجودهم الذي أخباره متواترة بالكتاب والسنة. وهو معلوم من الدين بالضرورة بإجماعِ المسلمين، فإنكارها كفر صرِيح. وقال الإمام النووي (الجاوي) المتوفى سنة 1316 ه: "أن من اعتقد ذكورتهم كان مبتدعا فاسقا، وفي كفره قولان. ومن اعتقد أنوثتهم كان كافرا بالإجماعِ; لأن الذكورة أشرف من الأنوثة. وقد بين الله تعالى كفر من اعتقد أنوثة الملائكة بقوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوْا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِيْنَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمنِ إِنَاثًا...الآية ﴾ [الزخرف: 19].أي اعتقدهم الكافرون إناثا"، وطبعا، كان الواقع بخلاف ذلك; لا تتصف الملائكة بالذكورة ولا بالأنوثة.
وخلاصة القول أن القاعدة (الذكورة أشرف من الأنوثة) التي تدل على التغليب متعلقة بالمعتقدات في حين تعلقها بالثقافات. والتحكيم العقدي - في هذا المقام - يعتمد على تلك القاعدة والآية المذكورة، وأيد هذا القول ما قاله سيد أحمد بن زيني دحلان (ت 1304 ه) شيخ الإمام النووي (الجاوي). وهذا بمثابة رأي التلميذ وأستاذه، أو رأي التابع والمتبوعِ؛ وهذا نوع مما استدل به أبو الفيض في عبارته (الظنية المعرفية)؛ يعنى لا بد من وجود الإتفاق في الظن بين التابع والمتبوع.
وثانيا، العلاقة فِي مستوى الشريعة. وكانت العلاقة واضحة في قضية النكاح المشروع مع ركونه وشروطه، ومن شروطه - التي اشترطها العلماء، واتفق عليه المذاهب الأربعة - وجود ولي. وهذا بناء على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "لا نكاح إلا بوليٍ"، والولي في النكاح يتوقف عليه صحة العقد؛ وهو الأب أو وصيه والقريب العاصب والمعتق والسلطان والمالك. وينقسم الولي إلى قسمين: مجبر; له حق تزويج من له عليه الواية بدون إذنه ورضاه. وغير مجبر; ليس له ذلك؛ بل لابد منه - ولكن لا يصح له - أن يزوج بدون إذن من له عليه الولاية ورضاه. والفقهاء يرون أن رواية أبو داود يدل على أن النكاح لا يصح إلا بولي من الرجال، والولي شرط عند رأي الجمهور إلا المذهب الحنفي.
وأما قضية الذكورة في الولاية، فقد استدل الفقهاء عليها بالآية ﴿وَلاَ تُنْكِحُوْا الْمُشْرِكِيْنَ حَتَّى يُؤْمِنُوْا﴾ [البقرة : 221] وَالآيَةِ ﴿وَأَنْكِحُوْا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِيْنَ مِنْ عِبَادِكُمْ﴾ [النور : 32]. وكان الخطاب للذكورة، والفقهاء فسروا أن الولي لا بد من الرجال. وهذا نوع التغليب - في اللغة المؤثرة - في استنباط الفقهاء إلا أبي حنيفة وأبي يوسف. ورأيهما جواز المرأة في سن البلوغِ، وهي العادلة; بكرا كانت أم ثيبا، وتستحق بإنكاحِ نفسها بشرط أن يكون الرجل كفؤا لها، ويأْتي بالمهر المثل. وكانا احتجا بالآية ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَه مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَه﴾ [البقرة : 230]؛ فالآية تدل على أن الجواز بالنظر إلى الفعل المعلوم، وفاعله فاعل حقيقي يعنى المرأة نفسها، والمرأة تستحق خيار من الرجال تريده بلا تأثرها بولي، وكذلك بولي مجبر.
انطلاقا على ذكورة الولي، كان أخ المرأة الصغير يكون وليا لها؛ مع أنّ أمها زادت ثقتها وعقلها من ابنتها. وهذا المفهوم صادر من العقل اللغوي (تغليب المذكر على المؤنث) بالوجه الملفوظ في النص الديني. والخطاب في الآية بالوجه الملحوظ بلا تعيين الرجل أو المرأة.
طبيعة الحق ي قة للنحو ومعاييره ا
وفي نطاق طبيعة النحو أن هذا الواقع البنائي والتركيبي يدل على وجود الشواهد النحوية التي في نشأتها تؤثره العامل الديني والعامل القومي والعامل السياسي؛ كما لو لاحظنا في هذا العصر الصناعي الخامس أن في نشر اللغة العربية تؤثره العامل الاقتصادي والعامل الرقمي. وهذا الواقع - أيضا - يترتب عليه دليل وجود دور النحو في الثقافة العربية الإسلامية. والمعلوم عند العلماء والباحثين أن نشأة النحو سببها الرئيس شيوع اللحن، والحرص على المحافظة على الكتاب والسنة وفساد الملكة اللغوية بالاختلاط؛ التي مع هذه الأسباب ظهور العلاقة المتبادلة بين النحو وبين مصادر الثقافة العربية الإسلامية.
ومن تلك العلاقة ظهور تكوين النحو كعلم منضبط ومتسق ضمن واقع نظام الأبوي; كالنظام الاجتماعي الذي يتميز بسلطة الأب المطلقة على الأسرة، وبانتساب الأبناء إليه لا إلى الأم وغير ذلك من الأنظمة والتقاليد التي تدل على سلطوية الرجل على المرأة، أوبعبارة أخرى أن الواقع النظامي كظاهرة كل مجتمع تنخفض فيه المكانة الإجتماعية للإناث - وكما أنه في الأصل - يتعلق بالشواهد اللغوية; القرآن الكريم والقراءات وكلام العرب من شعر ونثر، وكذلك الحديث النبوي الذي فيه الخلاف في الاستشهاد به؛ وإن كان الأكثرون علي عدم الاستشهاد به.
إن تغليب المذكر ليس ظاهرة لغوية فحسب، وإنما سنة ربانية تسير عليها الحياة في كثير من مظاهرها الحسية أوالمعنوية، وقد قال عز وجل: ﴿اَلرِّجَالُ قَوَّامُوْنَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء : 34]، و﴿لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة : 228]. وزيادة درجة الرجل تكون بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن هذا الواقع، كان النظام الذكوري مبدأ في الإسلام؛ فالمبدأ ليس لتسلط النساء بل للمحافظة عليهن. وباعتبار آخر، كانت الثقافة العربية الإسلامية تتوقف بالمصلحة التي هي غاية أصول الفقه; كما أن التغليب يتوقف بالكلام على معناه الكلي. وغاية الكلام النحوي هي الإفادة. وإليك النّحو التالي :
جدول 2 -1 : الغاية من قواعد التوجيه
وإلى هنا، ولتأكيد وتأصيل ما ذهبنا إليه فيذكر الباحث ما ثبت من حقيقة علمية بأن طبيعة الحقيقة للنحو هي التناظر والتناسب والبرجماتي في إطار مناخ فكري للمذهب الواقعي. وتأسيسا على ذلك، فإن طبيعة وأشكال التفكير الصحيحِ للنحو هي الاستقرائي والاستنباطي بالاعتماد على المنطق الطبيعي والمنهجِ البياني؛ كما سبق بيانه بعرض سريع. وتميزت العلاقة بين المدرِكات العقلية والأشياء المدركة بميزة تعتبر بأنها ذاتية. وبعبارة أكثر وضوحا أن اعتراف المدرِكات العقلية بالوجود المستقل للأشياء المدركَة خارج الذوات، والادراك هو نسخ أو رموز لها، وليس حقائقها الفعلية.
الخاتمة
إن مدى علاقة النظام الذكوري مع النحو العربي ينكشف في مدى تبادل علاقات بينهما. وحلل الباحث هذا المدى بالاستفادة من النحاة المحدثين؛ وبالأخص منهم الدكتور تمام حسان الذي جمع بين السياق اللغوي والسياق الاجتماعي-الثقافي في النحو، والدكتور عيسى برهومة الذي جمع بين اللغة والجنس. وهذا البحث يفيد وقف الجدال في قضية العلاقة بين اللغة والثقافة، ويؤكد مكانة اللغة العالية في التفكير مثلما قاله المستشرق الفرنسي هَنْرِي أُوْسِيل : لكي تتطور التربية في فرنسا، ينبغيللغة العربية أن تَكون لغة ثانية؛ حتى يتعلم الطالب الفرنسي من العربية عمق التفكير.
واتضح من هذا البحث أن تغليب المذكر علي المؤنث له علاقة مع النظام الذكوري بصورة عامة من خلال نقطتين; الأولى : أن القاعدة " الذكورة أشرف من الأنوثة " تدل على أن العلاقة تصدر من اللّغة والثقافة العربية الإسلامية معا، إِما في مستوى مصادر العقيدة وإما في مستوى مصادر الشريعة. والثانية: إن التغليب في النحو والنظام الذكوري في الثقافة العربية الإسلامية ظاهرتان مختلفتان؛ حيث أن التغليب يعتمد على العقل المكوِّن; طبيعة اللغة (الصوت)، وهي خفة التلفظ التي هي الأصل للمذكر، وثقل التلفظ الذي هو الفرع للمونث. وأما النظام الذكوري في الثقافة العربية الإسلامية يعتمد على العقل المكون; بصورة مفاهيم النص من القرآن والسنة. ومن المستحسن أن يبحث اللاحق من الباحثين موضوعا أخر ذا قيمة فلسفية في نفس هذا السياق اللغوي والثقافي لفهم مدى الاتساق الخارجي في العلاقة بين السياقين المختلفين. وهذا؛ لأجل حماية اللغة العربية بين المجتمع العربي والإسلامي.
المراجع
إبراهيم أنيس، اللغة بين القوميةوالعالمية، (مصر: دار المعارف، مجهول السنة).
ابن الأنباري، المذكر والمؤنث، (مصر: وزارة الأوقاف ، 1981).
ابن يعيش، شرح المفصل، (مصر: الطباعة المنيرية، مجهول السنة).
أبو البركات الأنباري، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين-تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، مجهول السنة).
أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني، المذكر والمؤنث ، (مجهول المطبعة والسنة).
أبو دادود، سنن أبي داود، باب في الولي، رقم الحديث [2085]، (دمشق: دار الرسالة العالمية، 2009).
أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي، نتائج الفكرفي النحو، (بيروت: دار الكتب العلمية، مجهول السنة).
أبو منصور الثعالبي، فقه اللغة وَسر العربية، (قاهرة: مصطفي بابي الحلبي وأولاده، مجهول السنة).
إسماعيل عمايرة، بحوث في الاستشراق واللغة، (عمان: دار البشير، 1996).
أنيس فريحة، نظريات في اللغة، (بيروت: دار الكتاب البناني، 1981).
أحمد مختار عمر،أنا واللغة والمجتمع، (قاهرة: عالم الكتب، 2002).
أحمد عبد الرحمن حماد، العلاقة بين اللغة والفكر: دراسة للعلاقة اللزومية بين الفكر واللغة (الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1985).
إميل بديع يعقوب، المعجم المفصل في المذكر والمؤنث، (بيروت، دار الكتب العلمية، 1994).
الإمام النووي الجاوي، نور الظلام، (سورابايا: الهداية، مجهول السنة).
البخاري، صحيح البخاري، كتاب الديات-باب قول الله تعالى "أن النفس بالنفس" رقم الحديث [6878]، (دمشق: دار ابن كثير، 2002).
تمام حسان، الأصول: دراسة إبستيمولوجية للفكر اللغوي عند العرب: النحو- فقه اللغة – البلاغة، (القاهرة: عالم الكتب،2000).
تمام حسن، اللغة العربية: معناها ومبناها، (عالم الكتب، 2004).
جلال الدين السيوطي، صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام، (القاهرة: مجمع البحوث الإسلامية، 1970).
جلال الدين السيوطي، المزهر فيعلوم اللغة وانواعها، (القاهرة: دار التراث، 2008).
جيرار جهامي، الإشكالية اللغوية في الفلسفة العربية: دراسة تحليلية نقدية، (بيروت: دار المشرق،1994).
حلمي خليل، مقدمة لدراسة علم اللغة، )إسكندرية : دار المعرفة الجنسية ، 2000 ).
حنا جميل حداد، معجمشواهد النحوية الشعرية، (الرياض: دار العلوم، 1984).
خديجة الحديثي، الشاهد وأصول النحو في كتاب سيبويه، (جامعة الكويت، 1974).
رمضان عبد الله، الصيغ الصرفية في العربية في ضوء علم اللغة المعاصر، (مكتبة بستان المعرفة، 2006).
رمضان عبد الله، البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث لأبي البركات بن الأنباري، (الجمهورية العربية المتحدة: دار الكتب، 1970).
رُوْدِرك م. تشيْزهُولِم، نظريةالمعرفة، (القاهرة: الدار الدولية للنشر والتوزيعِ، 1995).
الزجاج، ما ينصرف ومالا ينصرف، (القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- الجمهورية العربية المتحدة، 1971).
الزواوي بغوره، الفلسفة واللغة: نقد المنعطف اللغوي في الفلسفة المعاصرة (بيروت: دار الطليعة، 2005).
سيف بن عبد الرحمن العريفي، مجلة الدراسات اللغوية، (الرياض: المملكة العربية السعودية، 2000).
شمس الدين أحمد بن سليمان بشا، المعروف بابن كمال. أسرار النحو، (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيعِ، 2002).
شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، (القاهرة: دار الحديث، 2006).
صلاح الدين صالح حسين، دراسات فيعلم اللغة: الوصفيوالتاريخي والمقارن، (الرياض: دار العلوم، 1984).
عبد الرحمن البرقوقي، دولة النساء : معجم ثقافي، اجتماعي، لغوي عن المرأة، (بيروت: دار ابن حزم، 2004).
عبد الرحمن الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1999 م) .
عبد العال سالم مكرم، القرآن الكريم وأثره في الدراسات النحوية، (الكويت: جامعة كويت، 1978).
عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة في علم البيان، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1988).
جلال الدين السيوطي، الأشباه والنظائرفي النحو، (الدمشق: مجمع اللغة العربية، 1987).
عبد الله الخريجي، علم الاجتماعِ الديني،(المملكة العربية السعودية: رامتان-جدة، 1999 م).
عبد الله البشير محمد،اللغة العربية في نظر الأصولِيين، (حكومة دبي: دائرة الشّؤون الإسلامية والعمل الخيري، 2008).
علي النجدي ناصف، سبويه إمام النحاة، (القاهرة: عالم الكتب، 1979).
علي الطنطاوي، فصول في الثقافة والأدب، (جدة: دار المنارة،2007).
عيسى برهومة، اللغة والجنس: حفريات لغوية في الذكورة والأنوثة، (عمان: دار الشروق للنشر والتوزيعِ، 2002).
الفراء، المذكروالمؤنث، (القاهر: دار التراث، 1989).
الفاضل صالح السمارئي، الدراسات النحوية واللغوية،(بغداد : مكتبة الارشاد، 1971).
فؤاد حنا ترزي، في أصول اللغة والنحو، (بيروت: دار الكتب، 1969).
القرآن الكريم.
محمد بن إبراهيم الحمد، فقه اللغة : مفهومه وموضوعاته وقضاياه، (الرياض: دار ابن خزيمة، 2005 ).
محمد بن أحمد بن عبد البارى الأهدل، الكواكب الدرية شرح متممة الأجرومية، (سيغافورا – جدة اندونيسيا : الحرمين، 2005).
محمد بن قاسم الغزي، فتح القريب المجيب، (سورابايا: نور الهدى، مجهول السنة).
محمد أحمد ابو الفرج، المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث، (دار النهضة العربية، 1966 ).
محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، اللغة، (المغرب: دار التوبقال للنشر، 2005).
محمد علي الصابوني، صفوةالتفاسير، (بيروت: المكتبة العصرية، 2010).
محمد عبد العزيز عبد الدايم، المفاهيم النحوية بين الدرسين: العربي التراثي والغربي المعاصر، (القاهرة: مكتبة النهضه المصرية، 1998).
محمود أحمد نحلة، آفاق جديدة فِي البحث اللغوي المعاصر،(الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 2002 ).
مصطفى حركات، اللسانيات العامة وقضايا العربية، (بيروت: المكتبة العصرية، 1998).
مصلح الصالح، الشامل قاموس مصطلحات العلوم الاجتماعيةِ انجليزي-عربي مع تعريف وشرح المصطلحات، (دار عالم الكتب: المملكة العربية السعودية، 1999).
ناصر بن عبد الكريم العقل، الإتجاهات العقلانية الحديثة، (الرياض: دار الفضيلة، 2001).
نشوان بن سعيد الحميري، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، (بيروت: دار الفكر المعاصر، 1999).
نور الدين عتر، ماذا عن المرأة، (دمشق: اليمامة، 2003).
Sapir, E., Languange, Culture and Personality (ed. DG Mandelbaum), (Berkeley & Los Angeles: University of California, 1956).
Worf, B.L., Language, Thought and Reality (ed.J.B. Carroll), (Cambridge, MIT Press, 1956).
Main Article Content
Abstract
Article Details
- Authors retain copyright and grant the journal right of first publication with the work simultaneously licensed under a Creative Commons Attribution License that allows others to share the work with an acknowledgement of the work's authorship and initial publication in this journal.
- Authors are able to enter into separate, additional contractual arrangements for the non-exclusive distribution of the journal's published version of the work (e.g., post it to an institutional repository or publish it in a book), with an acknowledgement of its initial publication in this journal.
- Authors are permitted and encouraged to post their work online (e.g., in institutional repositories or on their website) prior to and during the submission process, as it can lead to productive exchanges, as well as earlier and greater citation of published work.